اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو

حصلت موافقة وزارة المالية على صرف رواتب موظفي نينوى من النازحين والمحاصرين داخل مدينة الموصل، بعد تدقيق موقفهم وذلك يكون عبر تقديم قوائم بأسماء الموظفين من قبل دوائهم المعنية. الموافقة تضمنت تمويل رواتب الموظفين النازحين والمحاصرين عن طريق وزارة المالية - دائرة المحاسبة، من خلال إعداد قوائم الرواتب من الوزارات المعنية والدوائر غير المرتبطة بوزارة وأن يكون كتاب المطالبة بتمويل الرواتب موقّع من قبل الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة حصرا ، وتتحمل الوزارة المختصة والجهة غير المرتبطة بوزارة كافة المسؤوليات حول صرف الرواتب وتوزيعها 

...تابع القراءة





عام انقضى على الفجيعة، وها ستحل علينا مجدداً بعد ايام الذكرى السنوية الاولى لتلك  الجرائم الإبادية ضد الإنسانية التي مورست بوحشية فظيعة، وهمجية فاحشة، ناقمة تنازع على اداء ادوارها، الأرض والسماء بغية تمزيق جسد سنجار، وقلع فئة / جنس بشري (يسمى بالايزيديين)، من الجذور ومحوهم عن بكرة ابيهم من على وجه هذه الأرض بعد أن كان قد توعدهم الغزاة في 14/ اغسطس 2007 بذلك التهديد المشؤوم. فتجدر الاشارة هنا ان كل كارثة تحل على الشعوب، لابد ان تكون قد نجمت عن أسباب ومسببات، وتمخض بالتالي عنها ضحايا وتداعيات مباشرة  او مستقبلية غير مباشرة. وعلى ضوء ذلك، فإن الأمر بحاجة إلى تقييم شامل. ولكي تعرف عامة الناس لماذا حل ما حل من نكبة وإبادة وانكسار  انتكاسي، وماهي الاسباب التي كانت تقف وراء حدوثها، وبالتالي ما آلت اليها الاحداث فيما بعد. ،ولذلك، فلا بد من تشخيص الاسباب الاساسية التي وقفت وراء حدوثها.
أولا: الاسباب الذاتية.
 من المعلوم أن لكل حدث من هذا الحجم لابد من أن خللاً ما قد رافقه من الواقع الذاتي، وإلا فلا يمكن وكذلك لا يعقل أن يحصل خرابا بهذا الحجم دون أن يكون لأهل الدار قسطاً من تحمّل المسئولية؛ ان عمداً أو تجاهلاً أو تقصيراً. فقد كانت عامة الناس من الابرياء الايزيديين يفكرون بالمعيشة اليومية وجمع المال وانتظار رأس الشهر لاستلام المعاش الحزبي لبناء دار أو مسكن بسيط يأويه وافراد عائلته لينعموا بدفء بيت طالما حلموا به كضرورة حياتية، وهم ليسوا طرفاً في المعادلة سوى بمشاركتهم في الغباء المستحكم بقدر ما كانوا ضحية غيرعالمين بما ينسج لهم ولمستقبلهم في الخفاء. بالمقابل كانت القيادات الايزيدية الدينية والعشائرية والسياسية والبرلمانية والثقافية وكذلك الامارة منشغلين بأمورهم الخاصة واصبح كل ينافس الاخر في تقديم الولاء وفروض الطاعة بمناسبة أو بدونها غير آبهين بخطورة ما سيقع وما ستحل من كوارث لا تحمد عقباها. فعندما وقع الحدث (المصيبة) على جوارهم خصوصا (الموصل في 10/6/2014)، كان من الاولى أن يتم التحسب لما سيحصل ولكن للأسف الجميع أداروا ظهرهم للخطر الداهم  وكأن النار التي وصلت تحرق الموصل لا تعنيهم باي شيء. وكأنهم أيضاً محصّنين بقوات حماية كافية دون أن يعوا ما قد يحصل أو يدركوا أنه عليهم التحسب من الإنسحابات التكتيكية أو ما قد تحصل من تواطؤات جانبية او خيانة او اختراق أو تعاون مصلحي جانبي أو استثمار سياسي أو تبادل أدوار إلى غير ذلك. كل تلك الاحتمالات لم تؤخذ في الاعتبار وبذلك حدث ماحدث ووقعت الكارثة. دون اتخاذ اجراءات وقائية او احترازية، حيث كان لابد من مراجعة شاملة وتقييم شفاف جاد وواقعي  لكل ماحصل للجوار لكي يتم التحسب لكل الاحتمالات الطارئة. هذا ولأن الواقع صار يفترض الشفافية وإذا كنا قد اشرنا الى ما يتعلق بالعامل الذاتي كسسبب لما حدث في سنجار، فإن الواقعية تفترض ان نشير الى الجزء من المسؤولية التي يتحملها الايزيديون خارج العراق حيث ان  ما حصل في أوربا والعالم لايقل أهمالا أو تجاهلا أو تغافلاً مقارنة مع اهمال ايزيديي العراق عامة وسنجار على وجه الدقة، على الرغم من حجم المظاهرات وحشد التاييد العالمي للقضية الايزيدية. كان من الأولى بالقيادات الايزيدية بعد الكارثة أن تعيد قراءة المواقف ووزنها وتقييمها على اساس ما افرزته الوقائع ومن ثم إعادة النظر بكل ما مر في السابق. كان من المفروض بعد 3/8/2014، وهذا ما اكدنا عليه في كل مواقفنا، أن تتم الدعوة لإقامة مؤتمرات وإجراء تقييم شامل بكل ما يتعلق بالحادث وما سبقته من احداث ابتداءً من كارثة الشيخان 14-15/2/2007 مرورا بمجازر الموصل بحق العمال الايزيديين في 22/4/2007 وصولاً إلى ماحدث في 14/8/2007 لأنه هناك ربط بين تلك الكوارث، خاصة إذا ما عرفنا بأن الحزب الحاكم هو نفسه والقيادة السياسية هي ذاتها والمسئولية السياسية لم تتغير هي الاخرى. لذلك كان من الاجدر أن يخرج الايزيديين بنتيجة مدروسة على أساس الوقائع والتعامل مع معطيات العالم الخارجي بخطاب واحد وموقف واحد بعد دراسات متأنية وتسمية الاشخاص الذين سيمثلونهم في المحافل الدولية لكي لا تضيع الحقوق بين جهات لا يمكن محاسبتهم فيما اذا لم يحسنوا التعامل مع حقوق الايزيديين الانسانية. فالحدث كان كبيرا وكان يجب التعامل معه على أساس هذا الحجم والمطالبة باعتباره جينوسايد لا أن تسلم جميع الاوراق بيد نفس القيادة التي سلمتنا في الميدان. فهي ستحاول بالتأكيد تسويف الامر بكل الوسائل بحيث تبعد الشبهة عن المسئولين عن الجريمة. وبذلك أضاع الايزيديون الارض والعرض والتاريخ والجغرافية والمقدسات في العراق، وأضاعوا الموقف والحق والكلمة وسبل الحياة الكريمة والحقوق في اوربا والعالم. ومن الاسباب الذاتية :
ـ واقع حال الايزيديين (الميوعة): لو فحصنا التاريخ الانساني بمراحله المختلفة لوجدنا بأن هنالك محطات أساسية في حياة الشعوب، وأن جزءاً أساسياً من تلك المحطات مرهون بإفرازات مرحلية على ضوء تغيير المصالح وظهور قوى جديدة على الساحة الدولية. ومن هذه الحالات ما حصل لشعبنا قبل سقوط النظام العراقي بقليل اوعقب ذلك وبعد سيطرة الاحتلال الذي جلب معه اسباب التداعي والميوعة التي نحن بصددها. البداية كانت مع التقليد الذي مارسه الشباب مع قوات الاحتلال من حيث الشكل الظاهري للحياة تاركين الجوهر للمصير المجهول. كانت نقطة البداية والمفصلية في حياة الايزيديين قد بدأت في ربيعة بعد عام 1991، عندما بدء الحصار الاقتصادي ينهش في جسم الشعب العراقي ولم يبقَ سبيلاً أمام الإيزيديين أكثر قبولا من الهجرة السنوية مرتين إلى ربيعة بهدف زراعة الاراضي ومقاومة الحصار الاقتصادي الخانق. فمن هنا تسلل الكذب والنفاق والدجل إلى شخصية الايزيدي التي كانت محكمة ورصينة قبل ذلك الوقت، وانما تعرضوا إلى تلك النكسة تحت ضغط الحاجة والفاقة وضيق الافاق وفرص العيش امامهم بعدما فرض الحصار الاقتصادي على العراق كما قلنا، مما اضطرتهم الى القبول بذلك الواقع الاليم إثرشظف العيش ورعونة الحياة.
ـ تناقضات عائلة ششو: الأمر الاخر المهم هو تناقض مواقف عائلة ششو عقب الاحداث الكارثية في سنجار؛ فلا يمكن انكار دور تلك العائلة عندما صمد السيد قاسم ششو (رغم تحفظنا على البعض من ادواره السابقة)، في الجبل إلى جانب الكثيرين من الابطال الايزيديين. إلا أنه لم يدم ذلك طويلا إذ سرعان ما تم التنازل عن ذلك الصمود بعد أن تعرّض إلى ضغوطات كبيرة لتنفيذ سياسية الامر الواقع على الأرض بسبب الحصار الذي فرضه الحزب الديمقراطي الكردستاني (على خلفية ادعائه بان البيشمركة خانت الايزيديين وتركت سنجار فريسة سهلة لقوى الظلام المتمثلة بداعش) من جهة، والخلاف مع قوات اليبكة (عندما اختلف قاسم ششو معهم ومنعهم من رفع علمهم على جبل سنجار) من جهة اخرى، حيث اتحدت بذلك القوتان السياسيتان الكرديتان وفرضوا حصاراً خانقاً على سنجار ومنعوا إيصال المعونات والمساعدات للمقاتلين ومئات العوائل العالقة على الجبل على مدى أشهر. الامر الذي اضطر معه قاسم ششو لقبول المهادنة والخضوع للأمر الواقع وقبوله بتنفيذ سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن ثم قلب الحقائق التي كان قد صرّح بها عقب سقوط سنجار بيد داعش إلى انتصارات مباركة للبيشمركة. كان بالتوازي مع ذلك الموقف من قاسم ششو وعقب سقوط الموصل كانت هنالك مواقف جدّية من أبن اخيه حيدر ششو الذي جمع حوله الآف المقاتلين على جبل سنجار بهدف الدفاع عن سنجار أو تحريره من دنس داعش في حال حدوث هجوم، ولكنه تعرض للاعتقال عندما تعاون مع الحشد الشعبي عقب رفض طلبه من الحزب الديمقراطي الكردستاني بتشكيل نلك القوات باسم الايزيديين. فلم يصمد هو الآخر في السجن أكثر من بضعة ايام مع علمه بانه كان عليه أن يكمل المشوار حتى لو كلفته ذلك حياته، وكان عليه أن يلتحق بجبل سنجار عقب الافراج عنه من السجن. ولكنه بدلا من ذلك سافر إلى السليمانية ومن ثم جاب أوربا والتقى بالناس جماهيريا بنشر فكرة تأسيس حزب سياسي بعد أن عرف قيمة ذلك، إلا أنه كان غير موفقاً في ذلك أيضا لأنه لم يحسن الاختيار في ذلك التعامل مع الأحداث، وكان عليه أن يجتمع بنخبة من المتنورين ليقيّموا له الواقع بشكل صحيح ويساعدوه في خلق فكر نوعي على ضوء الاحداث وما أفرزته الوقائع على الارض وخاصة الشارع الايزيدي في أوربا. فبدلا من الاعتماد على مجموعة اشخاص معروفين بمواقفهم من الاحزاب الكردية كان عليه التأني واختيار الافضل من بين البدائل. فلو شئنا أم أبينا ومهما قلنا فإن الواقع يقول بأن الإيزيديين لا يستطيعون التحرك خارج  إطار الحزب الديمقراطي الكردستاني أو يجب على الاقل التعاون معه أو السير في نفس الاتجاه وإلا فإن جميع المبادرات التي سارت بعكس ذلك الاتجاه باءت بالفشل مع الاسف.
ـ عدم التحسب لسقوط الموصل وتلعفر: كان يجب على الايزيديين أن يحتكموا الى العقل والحكمة عندما اقتربت النار منهم وخاصة بعدما سيطر داعش على الجزء الشيعي من تلعفر ومن ثم زمّار وشرق الموصل وإعلانهم بأن المرحلة ما بعد العيد ستكون على رأس الايزيديين في سنجار. بالرغم من كل تلك الوقائع لم يتعظ الايزيديون وقادتهم وسياسييهم من تلك التهديدات معتمدين على وعود مسئولي الحزب الديمقراطي الكردستاني. لقد كانت سنجار ملغومة بتنظيمات القاعدة من الكرد المسلمين قبل ظهور اسم داعش بشكل علني وخاصة عشيرة الكيجلات وكان قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني على علم اليقين بهم وكانوا يتحدون الحزب وقواته وقياداته الامنية بشكل يومي مسنودين من عدد كبير من عشائر التاتات والخواتنة في قلب سنجار وحواليها إضافةً إلى التركمان وعشائر المتيوت. لذلك فإن سؤالاً كبيراً يطرح بنفسه وبقوة وإلحاح؛ أين كانت القوات الامنية والقوى الاستخبارية من هذه المعلومات؟ ولحساب مَن كانت تعمل تلك القوات؟ ولماذا لم تٌمَس عائلة أو سيدة أوطفلة كردية مسلمة بالسوء؟ مما يضع الف علامة استفهام على التعاون الوثيق فيما بين القوى الامنية والعسكرية والسياسية الكردية وقوى الظلام المتمثلة بداعش. فخيانة القادة الكرد السياسيين بحق الايزيديين هي خيانة مزدوجة؛ في المرة الاولى كانت الخيانة من القادة السياسيين والعسكريين والامنيين في الميدان عندما تركوا الابرياء العزل وهربوا من الميدان بعد وعود قطعوها على انفسهم بحمايتهم من كل مكروه. وفي المرة الثانية هي خيانة القيادة السياسية الكردية العليا عندما لم تحاسب المسئولين المذكورين عما اقترفوا من ذنب بحق من هم تحت حمايتهم وتبريرهم لذلك التهاون بعقد ندوات ومقابلات للتهدئة وتمرير الأمر بشكل عادي وتسويف الامر بمحاولة منع أي امكانية بتشكيل وفود محايدة من الايزيديين لطرح قضيتهم على المجتمع الدولي.
ثانيا ـ الاسباب الموضوعية:
ـ السياسة الكردية في سنجار: بعد السقوط وسيطرة السياسة الكردية على الواقع الايزيدي في سنجار، كانت عامة الناس مهيأين لقبول الجديد بما فيه من عيوب دون فحص وكانت الأرضية مفروشة للقبول بما يستجد كما أسلفنا منذ 1991. فتم التعامل مع الايزيديين بإزدواجية واضحة بخنقهم بوسائل وطرق مدروسة بعناية ودراية مسبقة، وبدأت السياسة الكردية تبث السم في الجسد الايزيدي بدلا من أن تداوي جراحهم ومكافأتهم عن السنين العجاف بسبب تأييدهم للحركة الكردية منذ ستينات القرن الماضي. فبدلا من برامج التنمية البشرية والبناء والخدمات، قامت بشراء الذمم بملايين الدولارات لنشر الفكر الحزبي الضيق مقابل تخريب نفوسهم وزرع الفتنة والفرقة وبث الفساد، وقامت بدعم البعض من العملاء ليعمقوا الميوعة في الخفاء وبالتالي تمكنوا من نشر الرذيلة على اوسع نطاق مما أدى بالنتيجة بأنه ليس بامكان اي شخص النطق بالحق او الحقيقة. وعلى الرغم من الخطوات المباركة التي قام بها البعض على ضوء الأحداث في بداية سقوط الموصل، ولكنهم لم يتوفقوا في بلورة فكر سياسي أو مدني لكي يعملوا من الحشد الذي تجمع في الجبل ومزار شرف الدين قوة يعتد بها لتكون البديل أو المساند في حالة حدوث طاري كما هو في الانسحاب التكتيكي للبيشمركة مما أدى إلى تلك النتيجة المؤلمة والكارثية. كل ذلك كان بسبب سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني من خلال مسئولين فاشلين يعتمدون على ماهو بالضد من اية مصلحة ايزيدية وخوفهم من أي اتفاق قد يحصل بينهم ولو على مستوى منظمة مجتمع مدني. لذلك كله لم يكن بمقدور الايزيديين التصرف خارج سياسة الحزب الحاكم.
ـ  (تحربر) الجزء الشمالي من جبل سنجار: عندما قامت قوات البيشمركة في 18/12/2014 بإعادة الجزء الشمالي من أقليم سنجار بدون مقاومة من داعش على نفس الاسلوب الذي سلّمت به سنجار إلى داعش، تحدث السيد مسعود البرزاني من على قمة جبل سنجار ردّاً على سؤال فيما اذا كان تحرير مدينة سنجار ضمن خطتهم قال: أن تحرير سنجار (الجزء الجنوبي من الاقليم) لم يكن في خطتنا الحالية وأن الخطة (البلان) لم تكتمل بعد لكي نعمل على تحرير سنجار. لذلك فإنه ما يمكن أن يستشفه أو يستنتجه الايزيدي من تلك المقولة هو أنه في نية القيادة الكردية الاكتفاء فقط بالجزء الحالي الذي أصبح تحت سيطرتهم ومنع الاهالي من الايزيديين بتحرير باقي مناطق سنجار وبالتالي تجميع الايزيديين الباقين في المخيمات وإعادة إسكانهم في ذلك الجزء من اقليم سنجار خاصة بعد أن تتيقن بأن الغالبية منهم قد تركت أرض الوطن إلى المهجر، وكذلك تأمين المسلمين الذين وقفوا مع داعش في تدمير واحتلال سنجار، لأن القيادة الكردية لا تأتمن كردية الايزيديين عامة وفي سنجار على وجه الخصوص.
ـ مقابلة الفريق جمال امينكي لقناة روداو: في المقابل وفي مقابلة مع الفريق جمال امينكي قائد قوات البيشمركة في غرب دجلة على قناة روداو بتاريخ 23/7/2015 قال: عندما قمنا بتحرير الجزء الشمالي من سنجار فإن ذلك كان بناء على ورود معلومات خاطئة وتم ذلك باجراء مستعجل وبدون تخطيط، وبالتالي فإن ما ادلى به السيد امينكي يتناقض مع حديث السيد مسعود البرزاني عندما قال في تصريح من على قمة جبل سنجار بأن تحرير سنجار لم تكن في خطتنا. هذه التصريحات المتناقضة بين الفريق امينكي  والبرزاني دليل كامل ودامغ على أن التخطيط لمستقبل سنجار هو خاضع وسيخضع للاستثمار السياسي خاصة عندما قال الفريق امينكي رداً على سؤال لمراسل روداو بأن "لكل حادث حديث" بأنه حصل فراغ بعد انسحاب قوات البيشمركة واستغلت قوات اليبكة الموقف وهم الان ضيوف وعليهم مغادرة المكان. كما وصف الفريق امينكي بان مجموعة من الخونة (يقصد المقاتل حيدر ششو ومقاتلي جبل سنجار) الذين تعاونوا مع الحشد الشعبي الذي تم تشكيله بناءاًعلى تكليف من المرجعية الشيعية، فما هو وجه الموقف بين الايزيدية والحشد الشعبي الشيعي؟ (الكلام للأمينكي). لذلك فإنه من الواضح بأن الايزيديين مهما كانت طريقة تصرفهم مع واقع سنجار فإنهم يعتبرون خونه في نظر الساسة الكرد مالم يكونوا ضمن مخططهم، وهو أمر محزن ولم يتصف بالواقعية.
ثالثا ـ تداعيات احتلال  وابادة شنكال  :
ـ الوضع الانساني في مخيمات النزوح: من المعلوم بأن الوضع الانساني في جميع حالات النزوح يشوبه النواقص والاستغلال وضعف الخدمات لانها حالات طارئة وغير خاضعة للتخطيط المسبق وبالتالي فإنه من الطبيعي ان تحصل هنالك شكاوى او القاء اللوم على الاداء الحكومي. هذا الوضع إن استمر بدون معالجة وبتعمّد، فإنه سوف يعمل على خلق وضع غير مستقر لدى النازح بفقدان الامل في العودة إلى سابق عهدهم مما يضطر معه النازح الى البحث عن البديل الذي يوفر له الامن والامان خاصة اذا رافق ذلك توجيه التهم والاهانات كأن يقال لأهل سنجار في المخيمات بأن نساءكم بايدي داعش وكان عليكم تحريرهم بدلاً من الهروب وليس من السهل على النازحين القبول بمثل هكذا اهانات ويتجنبوا ما يقال بحقهم. إن المشكلة في ذلك أن البعض لا يفهم معنى الاهانة وكأن الاهانة يجب ان توجه لذوي النساء والاطفال من البسطاء الايزيديين دون النظر الى  أصل الاهانة عندما داست عناصر داعش على صورة البرزاني في ناحية سنون وبالتالي فإنهم داسوا بذلك على شرف جميع كردستان باكملها وليس فقط شرف الايزيديين. فإذا كان المقصود بالشرف هو الاقتصار على استغلال النساء فإن مَن تسبب في ذلك هو واضح عندما تركت البيشمركة تلك الديار بناء على تعليمات من القيادات الكردية العليا وهي بالتالي مسؤولة عن كل ما جرى من اعتداء على شرف كردستان، وليس هروب المساكين الذين لاحول لهم ولا قوة.
من نافلة القول هنا التذكير ليس فقط بما فعله داعش، وإنما وضع الكثير من المعايير الاخرى في الميزان بما فيه الوضع النفسي والانكسار السايكولوجي الذي أصابهم جراء فعلة داعش الاجرامية. هذا من جانب وعلى الجانب الاخر نعلم بأن داعش أخذ حصته من الجريمة بالقتل والاغتصاب والسبي والتشريد، ولكن على مدى عام كامل وبسبب الوضع النفسي والاجتماعي البائس في المخيمات فإنه ليس هناك أية امكانية للمعاشرة الزوجية وبالتالي فإن الايزيديين قد خسروا من المواليد الجدد بما يساوي ما تسبب داعش في قتلهم وسبيهم ناهيك عن ضياع فرص التعليم وما رافق ذلك من التخلف الفكري والشلل الثقافي الذي اصاب الجميع اضافة إلى صرف ملايين الدولارات على الهجرة. أي أن الضرر اصاب الجميع وبدون استثناء بحيث شمل كل ما في الحياة من فرص أو مناسبة.
ـ الهجرة: الهجرة كما قلنا في مقال سابق حق طبيعي لكل كائن حسب القوانين الدولية على أن تخضع لضوابط وقوانين تلك الدول التي تتم الهجرة اليها. أما ما هو غير طبيعي في مسالة الهجرة التي حصلت وتحصل للإيزيديين وحتى بقية الفئات من الشعب العراقي فهي هجرة اجبارية تحت ضغط الظروف الشاذة التي كلما طالت اسبابها، كلما أرتفعت وتيرتها بكشل نوعي. فإذا كانت الهجرة تقتصر في السابق فئة على الشباب والرجال بشكل عام فإنها الان تغيرت شكلا ومضموناً بحيث أن الجميع بدأوا يفتشون عن وسائل الهجرة للتخلص من المآسي التي تعصف بهم من كل حدب وصوب واضعين مصيرهم وحياتهم واموالهم وتعب السنين بأيدي المهربين والذهاب لمصير مجهول. هذا الامر نتج عن وضع نفسي لا يحتمل بعد أن ذاقت الناس جميع اشكال العذاب ورأوا بأم أعينهم ما لا يصدق وبالتالي انسحب الامر على تشجيع ذويهم في ايجاد التبرير بالهجرة بعدما كانت تقتصر على شخص أو اشخاص من كل عائلة ومحاولة إسناد الاخرين في الوطن لكي يبقوا على ممتلكاتهم ووظائفهم والتمسك بقراهم ووطنهم.
رابعا مسؤولية وواقع الحكومة العراقية:
كما يبدو من الاوضاع فإن الحكومة العراقية هي مجرد هيكل وتغطية للفساد والابتزاز والسرقات وزرع التفرقة والفتنة بين ابناء الشعب العراقي بمختلف اطيافه. فلا البرلمان بقادر على التشريع بحيادية، ولا الحكومة بقادرة على تنفيذ التشريعات. لذلك فإنها هي الاخرى مكبلة بسرطان الفساد وبالتالي لا يمكن التعويل عليها والامل بانها قادرة على تحقيق ادنى مستوى من الخدمة والمساهمة الايجابية في تحسين الوضع اكثر مما هو عليه الحال. إن سقوط الموصل وتكريت وبيجي وصلاح الدين وبالتالي الرمادي كلها حلقات من مسلسل واحد مرتبط ببعضه لإرباك الحكومة بعدم اداء دورها وتلهيتها عن اعمالها وادارة الدولة وهو ما قال به السيد قباط طالباني في 29/7/2015 بانه لم العراق دولة بقدر ما اصبح الولاء للكرد والسنة والشيعة. فهناك تغيير ديموغرافي مدروس وتهجير ممنهج واختطاف على الهوية وتفريغ مناطق بكاملها من اهلها واصبحت مناطق بضعف عدد افرادها مما يوحي الى ان هناك استراتيجية مدروسة لتغيير خارطة العراق الديموغرافية. وأن قرارات الدولة لا تسري على الجميع بنفس المعيار وبالتالي لا يمكن أن نبحث عن امن واستقرار تحت مثل هذه الاوضاع.
خامساً: مسؤولية الحكومة الامريكية.
كما يبدو من الوقائع التي افرزتها الإحتلال الامريكي منذ 2003 ولحد الآن فإن الحكومة الامريكية تتعمّد في خلق الظروف الاستثنائية وتبرر الفساد وتشجع الارهاب وتخلق التطرف بشكل مدروس ومتعمد. فبمجرد الخروج من أزمة نراهم يخلقون أخرى أكثر شراسة وتخريب من سابقتها. فمن أزمة الحكومة وتشكيلتها إلى الكهرباء والطائرات والحشد الشعبي والحرس الوطني والجيش العراقي والعلاقة بين الاقليم والمركز وعدم الجدية في التعامل مع المصالحة الوطنية.... إلخ. فبالمحصلة فإن السياسة الأمريكية وراء جميع ما يحصل في العراق من تداعي وما آلت اليها الاحداث بخصوص الاقليات الدينية والعراقية وهي ليست جادة في رسم سياسة استقرار اقتصادي واجتماعي وبدلا من ذلك فهي تغض الطرف عن كل ما يحصل وبالتالي تطلق يد المجرمين ليعبثوا بأمن وأمان المواطن وممتلكاتهم ومستحقاتهم في الحياة.
إذن ماهو الحل؟
1.   يكمن الحل لحال العراق إذن بالبدء بمصالحة حقيقية بين الجميع ودعم بعض الشخصيات الوطنية التي تفكر بمصلحة العراق العليا قبل مصالحهم الشخصية وإناطة الادوار الحقيقية للتكنوقراط ومشاركة جميع فئات الشعب العراقي بالقرار السياسي والاقتصادي وتوزيع الثروات بشكل طبيعي على الجميع على اساس الاستحقاق الانساني.
2.      توفير الامن والامان واعادة النازحين وتعويضهم ماديا ومعنويا.
3.      محاسبة المقصرين الذين لطخت اياديهم بدماء الابرياء بشكل علني.
4.      محاسبة المفسدين والفاسدين من المسؤولين مهما كانت درجاتهم.
5.   اعتبار ماحدث بحق الاقليات الدينية والايزيديين منهم بشكل خاص جينوسايد نظراً لحجم ما لحق بهم من ابادة وتهجير وسبي لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر.

الخلود للشهداء الذين راحوا ضحية الغدر والخيانة.
تحية واجلال لمن هم في الاسر لغاية الان وفك الله عن كربهم عاجلا.
تحية للمقاتلين الذين يواصلون الليل بالنهار لسد هجمات الشر بصدورهم.
تحية لكل من ساهم بفعل ايجابي للدفاع عن القضايا الانسانية.
تحية لكل سيدة أو فتاة ايزيدية حاولت الهرب ونجحت في ذلك ورجعت لذويها.
تحية للعوائل التي استقبلت تلك النسوة والفتيات واحتضنوهم بالحب والحنان العائلي.
تحية للحكومة الالمانية التي استقدمت تلك النسوة الفارين من داعش وتقوم برعايتهم.
كل العار لمن كان السبب في خلق هذا الوضع الشاذ وسبب لهذه الكارثة الانسانية بحق الشعوب الامنة.

علي سيدو رشو 
المانيا في 1/8/2015



...تابع القراءة




اولا: حرب التبشير والموقف الحكومي الرسمي. ثانيا: حرب الهجرة. ثاللثا: قول السيد نيجيرفان البرزاني "ماحصل في شنكال لا يقل خطورة عما حصل في حلبجة".
في الثالث من آب/2014 حدث أكبر منعطف خطير وكبير في تاريخ الايزيدياتي عبر الزمن ألا وهو الهجوم الارهابي الذي مارسته عناصر داعش المجرمة بحق ابرياء امنين ليسوا طرفا في تغيير معادلة التوازن في عراق اليوم. فالحرب والشقاء مفروضان على هؤلاء البؤساء على مختلف الاتجاهات طولياً وعرضياً وعمودياً بحيث وصل حداً فاق معه كل التصورات تحت مرأى ومسمع من المسئولين والسياسيين والمجتمع الدولي والمنظمات الأنسانية من حيث التشتت الأسري والتشريد والتفريق العائلي وتغيير الهوية الدينية والنزوح الجماعي والاغتصاب وبيع وشراء النساء والاطفال. وواحدة من أهم واخطر تلك المآسي هو ترك الديار والبحث عن موطن بديل بعد فقدان الامل في العيش من جديد تحت سقف يؤمل منه المحافظة على كرامتهم من الامتهان.
الأمر الأول: إن التبشير السياسي وكذلك الديني حق مكفول للأديان التبشيرية منذ القدم وهم يقومون بها في كل العالم وفي جميع الاوقات، ولكنه في هذه الاحوال يجب أن يخضع التبشير لقواعد اخلاقية واجب التقيد بها لظروف التبشير وتقديراً لمعاناة المعنيين به. فبالتوازي مع معالجة المرضى وتقديم لقمة العيش بيد، يتم استدراجهم واستغلال ظروفهم ومعاناتهم باليد الاخرى بنشر فكر من نوع اخر بين الشبان الايزيديين تحت مختلف المسميات واستغلال ضعفهم ومأساتهم النفسية غير المستقرة لصالح اجندات لا تختلف في مفهومها عن ما يقوم به داعش من قتل وتغيير العقيدة الدينية ولكن هذه المرة تحت غطاء حقوق الانسان. فأية حقوق هذه التي تنشدها هذه المنظمات وهي تمارس نفس الرذيلة التي مارسها داعش وبهذا الهدوء والسكينة؟ وبعد العديد من الشهادات الحية التي حصلت عليها بعض النشطاء من الايزيديين الذين يقدمون خدمات انسانية أثناء تواجدهم وتوزيع المساعدات على العوائل وجدوا بأن نشاطا من هذا النوع يمارس بين الشباب بخداعم بالسفر لاوربا مستغلين وضعهم السايكولوجي البائس بتوزيع نسخ من الكتاب المقدس عليهم. فإذا قلنا بأن حكومة الاقليم تركت حبل الانتحار ليلف حول رقبة المئات من شباب وشابات شنكال دون أن تقدم ولو ندوة تخصصية للوقوف على تلك المآسي، فلا نتوقع منها أن تقف اليوم بحزم من تنبيه تلك المنظمات بعدم نشر هذا الفكر في الوقت الحالي بين النازحين الايزيدين لانها تتعارض مع المعاناة الانسانية التي يعاني منها النازحين. لا بل من المتوقع ان تغض النظر عنها لكي تلقي بظلها على التخفيف من القاء اللوم وايجاد البديل للتغطية على ما قامت به من ترك الايزيديين في محنة قل نظيرها في هذا العصر.
الأمر الثاني والمهم جداً الذي يتعلق بحياة عدة الاف من المهاجرين في تركيا وهم ينوون الخروج باتجاه اوربا وما ينطوي على مخاطر لا تقل خطورة عن نزوحهم من سنجار في الثالث من اب/2014، وذلك بعد عام تقريبا من تدفقهم إلى تركيا تحت ظروف لا تسر العدو قبل الصديق. لذلك ومن هنا نقول بأنه على المبادرين والمشرفين على تنظيم هذه الفكرة أن يعوا مخاطر الإقبال عليها في حال رفضها من قبل الدول التي ستتم الهجرة اليها. فالافضل أن تكون هنالك حملة كبيرة تعريفية بهذه الهجرة وتقديم مذكرات الى الدول المعنية وكذلك اجراء مقابلات مع المنظمات الدولية ليعملوا لهم سندا قانونيا والا فانهم سيقعون في مشاكل قانونية اضافة إلى ما ستتحمله العوائل من تبعات مادية ومعنوية ولوجستية جراء الاقدام على هذا الفعل. فإننا إذ نرى بأن عملا من هذا القبيل يحتاج إلى الكثير من الاتصالات والحملات على مواقع التواصل الاجتماعي لكي يكون المجتمع الدولي على علم بحجم الكارثة التي تعاني منها هذه الفئات التي فارقت ارضها وعرضها وتعرضت إلى ما تعرضت له من مآسي لا يمكن تحملها اكثر من هذا الوضع وبالتالي فهم ياسوا من الحياة وهم بهذا يقدمون على الانتحار الجماعي وأن تحمّل نتائج الاقدام على هذه الخطوة لا تقل خطورة عن ما تعرضوا له أثناء التهجير في 3/8/2014.
والأمر المهم الآخر هم وصف السيد نيجيرفان البرزاني أثناء مقابلته للمجلس الروحاني الايزيدي في الخامس من حزيران 2015 بأن ما حصل في شنكال "لا يقل خطورة عما حصل في حلبجة". كان المتأمل من سيادته أن يحسن المقارنة بين الحالتين لأنه بهذا الوصف قلل كثيراً من شأن ضحايا الايزيديين وبالاخص ماحصل للنساء والاطفال الايزيديات من اغتصاب وبيع وشراء الذين لا يزالون يرزحون تحت تعذيب المهانة الداعشية. صحيح حصلت لكردستان الكثير الذي يخجل منه الانسانية من اعتداء واغتصاب جماعي للنساء وحرق القرى والمدن ولكن الايزيديون في شنكال لم يكونوا طرفاً أساسياً يطالبون بالانفصال أو الحكم الذاتي أو يهددون سياسة العراق لكي يتم بحقهم كل هذا الاجرام. ورغم بأن الحالة الانسانية واحدة ولكن أن تتم مقارنة بين ما حصل لنصف مليون إنسان في شنكال وقلعهم من الجذور بما حصل لعدة الاف في حلبجة فهي مفارقة كان على البرزاني أن يحسن اختيار المقارنة وليس الاستخفاف بهذه البساطة بضحايا شنكال التي غيّرت مجرى حياة مليون انسان إيزيدي المنتشرين في أرجاء المعمورة بما لهم من أرث وتاريخ وجغرافية ورموز دينية وطقوس وحضارة وثقافة. لذلك فإن هذه المقارنة في الوقت الذي لا تعبر عن حسن نيه بقدر ما تعني استخفاف بقيمة انسانية الانسان الايزيدي. فبدلا من أن يقدم السيد البرزاني الإعتذار للشعب الايزيدي عما جرى لهم بسبب الهزيمة الشنعاء للبيشمركة بقرار سياسي وتركهم فريسة لوحوش العصر، راح يصف مقارنتهم بانها لا تقل خطورة عما حصل أثناء قصف حلبجة بالكيمياوي ككناية عن إبعاد الشبهة والمسئولية عن ادارة القيادة الكردية كما حصل بحشر السيدة الكردية في البرلمان الاوربي في شتراسبورغ مع وفد النساء الايزيديات.
علي سيدو رشو
المانيا في 12/6/2015

...تابع القراءة

في إحدى الحروب التي استمرت طويلا وبعد أن فقد المقاتلين الامل في الجدوى من الاستمرار، أتفق الجنود على الهروب الجماعي. وعندما استمر قائدهم في شحذ الهمم والتلويح بالنصر، نهض أحد القادة وقال للقائد العام: سيدي القائد إن الجنور وقعوا باقدامهم على عدم جدوى الاستمرار في هذه الحرب وأنهم هربوا بشكل جماعي بعد أن فقدوا الثقة بالنصر. ففي سابقة قد تكون الفريدة من نوعها وفي حجمها ومغزاها عندما أقدمت مجموعات يتجاوز اعدادهم الخمسة عشر الف ضحية في مخيمات تركيا للنازحين الايزيديين عندما قرروا بأنهم سيتجاوزون الحدود التركية باتجاه أوربا بعد أن ضاقت بهم السبل وفقدوا الأمل في العيش والمستقبل والحياة. فالحياة هي ليست فقط متطلبات الأكل والشرب والمعيشة اليومية فوق سطح هذا الكوكب الذي بدا يلف بحبله على رقبة عامة الناس في ظل هذا التوتر الدولي والاقليمي.
فمعاناة عامة العراقيين أصبحت لا تطاق ولكن معاناة الايزيديين فاقت التصورات والخيال بعدما فقدوا الأرض والعرض والمستقبل ولم تكن معاناتهم كمعاناة باقي العراقيين بسبب ما تعرضوا له من ظلم وجور واستعباد وخرق القيم الانسانية والاعراف الخلقية ومباديء القانون الوضعي والالهي. ورغم المناشدات والمظاهرات واللقاءات والأتصالات، إلا أنه لم تقم الجهات الدولية باية معالجة لواقعهم ولا يبدوا في الافق اية مظاهر للمعالجة المستقبلية مما يجعل من جميع الايزيديين في العراق على أنهم سيتركون وطنهم ويلجأون إلى أوربا ليس حبا بالهجرة وترك اوطانهم ولكن لضرورات قد يكونوا فيها على صواب.
النازحين في تركيا حسب القانون الدولي يجب أن يحسبوا على انهم لاجئين لأنهم تخطوا الحدود الدولية العراقية تحت الضغط والتهديد، ولكن لتركيا وضع خاص وقانون خاص بها في هذا الشأن بحيث لا يشمل ذلك القانون واقع حال الايزيديين وهم كنازحين في تركيا محرومين من حقوقهم في العراق أيضاً وكذلك ليس لهم حقوق في تركيا. وبناء على الواقع على الأرض قامت مجموعات من النشطاء الايزيديين في تلك المخيمات بتقديم مبادرة انسانية لانقاذ ما تبقى منهم والهجرة لأوربا بشكل رسمي وبعلم الجهات الدولية عبر مناشدات متعددة دون أن تسمعهم اية جهة منهم. وعلى ما يبدو فإن ذلك هو الآخر لم يتحقق عبر الطرق التي تأملوا منها وبالتالي فإنهم قرروا التوقيع على حياتهم باقدامهم (بأرجلهم)، وترك الديار التركية باتجاه اوربا متحملين العواقب مهما كانت نتائجها. وبما أن الموضوع لا يخلو من عنصر المخاطرة لوجود الاف النساء والاطفال والمرضى والمسنين والمعاقين وبهذا العدد الضخم، عليه فإننا نرى بأنه من الواجب الاخلاقي أن تقوم الجهات الدولية بأخذ هذه المشكلة بنظر الاعتبار وتتصرف معها على محمل الجد والاهتمام بها كمشكلة انسانية تخص شريحة بذاتها عانت الكثير الذي يعجز اللسان عن وصفه.
عندما يعجز الانسان عن ايجاد الحلول لمشاكله فإنه يبحث عن وسائل انتحارية وفي نظري فإن هؤلاء المساكين قد وقعوا باقدامهم على الانتحار بسبب ظروفهم ووصولهم لنقطة لا يمكن معها الاستمرار في الحياة اكثر. وهنا لا بد من المجتمع الدولي ومنظمات الامم المتحدة من ان تقوم بواجبها الاخلاقي قبل الانساني. وإن بقى الوضع على حاله ولم تبدي الجهات الدولية الاهتمام المطلوب بالموضوع قبل فوات الاوان، فإن ذلك سيسجل وخزاً في ضمير الانسانية وعاراً عليه. وبذلك أقترح:
أن تقوم لجان من المفوضية السامية لحقوق الانسان بمقابلة ممثلين عن النازحين في تركيا على وجه السرعة من جهة، ومن الجهة الاخرى وبالتوازي مع ذلك الاتصال بالدول الاوربية لايجاد حل لمشكلة هؤلاء النازحين وإنهاء محنتهم لأنهم غير آبهين بما سيحصل لهم لأنهم فقدوا الأمل في كل شيء.      

علي سيدو رشو
المانيا في 22/6/2015
...تابع القراءة